عِبرة وعِظة وتوبة, درة فخر تتلألأ , ناي نشدو به، وسفينة أحلام نركبها لنبحر ببارقة أمل على استعادتها في المستقبل من أيامنا .
قد يكون بينها شجن يثير فينا الحزن وبين ثناياه هيئة وجع ,إلا أن ذلك يذوب كالأحجار في الأحماض , لكن تبقى كل لحظة في قلوبنا وأرواحنا.
نتذكر نقطة البداية من برود العواطف ثم انصهارها مع مظاهر الكبرياء, ونعيش صراعا مليئا بالحنين والرقة , لتكون حقيقة لا تنتهي أبداً مهما مرت سنوات أو واجهت العلاقة ظروفًا قاسية.
ونعود لنقيم أنفسنا ونتساءل: هل تجاوزنا المصاعب والعقبات والمآسي؟
نتأمل الأحداث فيخرج المحفور بداخلنا ونتلذذ بصورها كطعم الشهد باللسان .
ونتوقف هنيهة؛ لندفع منها ما يحزننا, لكننا نمسك جاهدين بخيط القدرة على البكاء لتخرج الدموع على استحياء.
تأتينا محاولة استرجاعها بلا سبب , لعل طول الفراق هو من يرسم لوحة غيابها عنا !
وربما وسط همومنا وأفكارنا البالية ومشاكلنا تأتي كنسمة هواء باردة لتطفئ نار المعاناة في حياتنا .
وحتى لا أكون مجحفا فالذكرى الجميلة تمسح الأفكار الحزينة , وكأنك كما تعجب بفتاة تتناسى كل عيوبها , وهكذا ستنضم لركب العائدين إليها رغم أنفك .
كيف ننسى من كانوا أقرب الناس إلى قلوبنا؟
وكلما شارقت شمسنا على المغيب وأزداد الابتعاد تشعر بقيمة الذكرى الجميلة الماضية التي لاتزال تنبض بالحياة في اعماقنا .
مشاعر واحاسيس حكمنا عليها بالحبس في صدورنا حتى باتت الأشواق واضحة فيما خطت أناملنا .
نفتش بدفاتر التفكير عن ذاك اللقاء فنلخص من بين ثنايا الصفحات , سماع صدى ضحكاتنا, المقاعد التي تحوي دفء حكاياتنا, كيف مسحنا دموع الاحزان من دروبنا , فمهما طال الزمان سنتذكر الجحود و النكران , مهما شعرنا بالألم أو القهر .
ستظل ذكرياتنا نورا نستضيء به في العتمة من بقايا أيامنا, لنوقف زلازل تحطّم نفوسنا, هي محفورة في مفكرة الذاكرة لا ننساها ابدا .
قد تشغلنا زحمة الحياة وتقودنا الظروف بعيدا,إلا أن الأرواح تتعلق ببعضها , فلا نندم على ما عشنا منها , كزهرة جفت وفقدت عبيرها فتحولت أشواك , لكننا لا ننسى أنها في يوم من الأيام منحتنا عطرا أسعدنا.
لعله نقول شربنا القذى بكأس دهاق, وذقنا بعد اللقاءات مر المذاق , وأنقلب ربيعنا خريفا سقطت من أشجاره الأوراق , فالدواهي الأدهى حقيقة حكم الفراق .
وهذا ما لا يراق , فتأتينا الكلمات الرقاق , ومعناها يعم الأفاق .
رضينا بالقضاء وحكم الاستقصاء وتحملنا صعوبة الإرضاء, ونتمسك بالأصدقاء الأوفياء, وندعو بالخير لمن تحمل العناء.
يرزقه المولى قضاء حاجته من الأشياء , وأرفع كفي بالدعاء: ياعظيم الرجاء حطم الغيمة السوداء و لا تحرمني جنة اللقاء.